نهاية راقية لواقعة احتجازي في وكالة بنكية يوم الجمعة الماضي، تستحق ان أتقاسمها هنا مثلما تقاسمت بدايتها المؤسفة، وهذه عناصر المسار الذي اتخذته القضية

admin
2021-10-27T21:54:29+03:00
حوادث
admin27 أكتوبر 2021آخر تحديث : منذ 3 سنوات
نهاية راقية لواقعة احتجازي في وكالة بنكية يوم الجمعة الماضي، تستحق ان أتقاسمها هنا مثلما تقاسمت بدايتها المؤسفة، وهذه عناصر المسار الذي اتخذته القضية

1- قمت بنشر الخبر في سياق يرمي إلى الاستدلال بها على خطورة الوضع الذي خلّفته القرارات المتعسفة والمرتجلة للسلطات بشأن فرض مراقبة عشوائية وغير دستورية على هوية المواطنين ومعطياتهم الشخصية، وفي الوقت نفسه تقديم مثال للسلوك المدني في مجال الدفاع عن الحقوق الأساسية وإعمال الوسائل القانونية في توثيق التجاوزات وطلب الانتصاف منعا لتكريس التجاوزات أو التطبيع معها؛
2- نشرت عقب ذلك تدوينة تشير إلى المؤسسة البنكية التي تتبع لها هذه الوكالة بعدما خشيت أن يتم التلاعب بتسجيلات كاميرات الوكالة وحذفها، ما سيحرمني من دليل يوثق حقيقة ما جرى؛
3- مباشرة بعد نشري لخبر الواقعة تحرّكت إدارة البنك الشعبي، حيث توصلت في اليوم نفسه باتصالات أصدقاء وزملاء إعلاميين جرى التواصل معهم بهدف الوساطة، حيث أكدت لهم أنني وكما أوضحت في التدوينة الثانية لا أطالب المؤسسة البنكية إلا بحماية تسجيلات الكاميرات وأحملها مسؤولية ضياعها، وإلا فإنني لا أعتبر نفسي في نزاع مع المؤسسة،
4- فوجئت زوال يوم السبت، باتصال من جانب مسؤولين في مؤسسة البنك الشعبي، يدعوني إلى اللقاء، حيث تبيّن أن تفاعلا فوريا ومكثفا تم من جانبهم مع هذه القضية، حيث تم الاطلاع على تسجيلات الكاميرات، والتأكد من تفاصيل ما وقع، ليتم الاتصال بي بناء على الخلاصات التي شكلها مسؤولو المؤسسة البنكية،
5- فوجئت، أقولها بصراحة، بموقف مسؤولي المؤسسة (لا أريد سرد التفاصيل كي لا أتناقض مع وضعية ما بعد الصلح التي تفترض طي الصفحة)، وأكتفي بالقول وبكل شجاعة، إن احترافية ونزاهة وإنصاف المؤسسة، وتقدمها من خلال مجموعة من مسؤوليها (منهم من التقيته ومنهم من كلمني هاتفيا أثناء لقاءين مختلفين مع مسؤولي البنك)، باعتذار رسمي وواضح لا يشوبه أي تهرب أو نفي للمسؤولية، مع التماس تنازلي عن القضية،
6- لا أنفي أن نشري للتدوينة الثانية حول هذا الموضوع كان الهدف منه حماية موقفي القانوني في القضية والاحتياط لاحتمال اصطفاف المؤسسة إلى جانب موظفها أو محاولة الالتفاف على شكايتي أو غير ذلك مما يمكن أن يخشاه المرء في مثل هذا الموقف، لكنني وعندما قررت أن أخرج الخبر إلى العلن في المرة الأولى (دون ذكر اسم البنك او الوكالة)، كان هدفي بيداغوجيا يرمي إلى تقاسم تجربة اعتبرت أنني زاوجت فيها بين الدفاع عن حقوق شخصية أساسية وبين احترام القانون ثم العمل على التظلم والانتصاف وفقا لما تكفله دولة القانون والمؤسسات؛ وهذا الهدف بات متحققا وبشكل يفوق ما كنت أسعى إليه حين عمدت المؤسسة إلى نهج سلوك غاية في التحضر والعقلانية والواقعية، وبالتالي فإن إصراري على المضي في المسطرة القضائية لن يكون سوى تلبية لنزعة انتقامية شخصية، وهو ما أربأ بنفسي عنه،
الدرس:
إذا كانت هناك من خلاصة يمكنني الخروج بها من هذه الواقعة، فهي أن المواطن المغربي لا يوجد أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما: الخضوع أو التهور. بل أمامنا فرصة كبيرة لتعزيز السلوك المدني في الدفاع عن الحقوق والتنبيه إلى التجاوزات وتفعيل القوانين ومساطر التشكي والانتصاف والتقاضي… لكن، حتى ونحن نختلف ونصطدم ونتصارع، علينا أن نحرص على أن يكون نهجنا بناء وإيجابيا.
لا أريد وقد انتهت القضية بالصلح، أن أستعمل أي تعبير أو أسلوب يعكس شعورا بالانتصار أو التغلب على خصم، بل يهمني كثيرا هنا أننا من موقعينا، كمواطن بسيط ومؤسسة بنكية، قدمنا واقعة تترجم من جهة حجم القلق والتوتر الذي سبّبه قرار عمومي (أعتبره شخصيا متعسفا ومرتجلا ومخالفا لروح الدستور والعقد الاجتماعي المتفق عليه)، وأنهينا الأمر بشكل يحمل الكثير من عناصر النبل الإنساني (لا يمكنني أن أتردد في قول ذلك) الذي لمسته في مسؤولي المؤسسة، وتنازل من جانبي وطي للصفحة بما أن هدفي المعنوي منها قد تحقق.
حتى تكون ذمتي في هذا الموضوع صافية تماما، وبما أن عددا كبيرا من الناس قد تعرفوا على هوية مدير الوكالة بفعل الانتشار الكبير للواقعة عبر مجموعات مهنية معينة في الشبكات الاجتماعية، فإنني لا أجد حرجا في القول إننا تبادلنا عبارات “المسامحة” والود، ولا أريد من أي كان أن يحتفظ عنه بانطباع سلبي بسبب هذه الواقعة المؤسفة.
وختاما أعبر عن شكري الجزيل وغير المحدود، لكل الأصدقاء، الواقعيين والافتراضيين، لحجم التضامن الكبير الذي تلقيته بعد إعلاني عن الواقعة، وأقول لهم جميعا أشكركم وأعتز بحسن ظنكم.
(لأصحاب العقول الصغيرة: لم يكن هناك أي شق مادي في الصلح)

بقلم ابراهيم اشويبة

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة