الباحثة أميمة لقنيني عن جامعة ابن طفيل القنيطرة تخصص ماستر سوسيولوجيا الجريمة والإنحراف تكتب عن موضوع “دوافع الجريمة ، وجهة نظر

admin
اخبار وطنية
admin9 يونيو 2022آخر تحديث : منذ سنتين
الباحثة أميمة لقنيني عن جامعة ابن طفيل القنيطرة تخصص ماستر سوسيولوجيا الجريمة والإنحراف تكتب عن موضوع “دوافع الجريمة ، وجهة نظر

شكلت الجريمة إحدى المواضيع الأساسية في علم الاجتماع وذلك لما تختص به من أهمية داخل الوسط الاجتماعي ، كونها تهم الظاهرة الإنسانية في كل أبعادها ، تستقيظ المجتمعات العربية منها والغربية على ممر الأزمة على وقع جرائم مختلفة بحيث أصبحت كجزء لايتجزأ من الواقع الإجتماعي الذي نعيشه التي تعكس إحدى جوانب التناقض التي يعانيه المجتمع عامة، او بالأحرى هي تعبير آخر عن الإختلالات التي تتعشش داخل الأفراد ، فتصبح بذلك على شكل سلوكات فردية او جماعية ، قد تكون نتيجة بواعث داخلية او حصيلة لتراكم خارجي من شأنه قد يشكلان قوتين قهرتين يدفعان بالفرد نحو الإنحراف .
اجتماعيا ، يرى علماء السوسيولوجيا أن الجريمة هي كل خروج خطير عن القيم الإجتماعية المعبرة عند عامة أفراد المجتمع ، بتعبير آخر فالجريمة هي كل مخالفة لقواعد السلوك المعمول بها داخل المجتمع ، كما يمكن القول أن الجريمة هي ذلك الفعل المنحرف الذي ينسلخ عن قيم ومعايير المجتمع .
من جهة أخرى ، الجريمة هي كل فعل او امتناع يتعارض مع نسق ومفاهيم وأفكار الجماعة .
أما قانونيا ، تعتبر الجريمة كل مخالفة لقواعد القانون الوضعي او هي ذلك الفعل الذي يعاقب على ارتكابه القانون .
أما في المجال السيكولوجي ، فالجريمة هي ذلك الجانب اللاتوازني في الإنسان الذي يعكس صورا من صور الخلل النفسي ..
وفي ذات السياق ، إن دراسة اشكالية الجريمة تقودنا نحو طرح أكثر من سؤال مثل : كيف يتشكل السلوك الإجرامي لدى الأفراد ؟ وماهي العوامل المساهمة في نمو السلوك الإنحرافي ؟ هل تقف الجريمة عند حدود عوامل خارجية فقط ؟ أم ان الجريمة تتعدى إلى بواعث داخلية تتعشس في البنية التركيبية النفسية للفرد ؟ وهل يمكن الاقتصار عن النظريات السوسيوسيكولوجية في تفسير السلوك الإجرامي ؟

ارتباطا بالموضوع المطروح ، تعود ظاهرة الجريمة في مفهومها العام إلى فشل المجتمع في ضبط سلوكات الأفراد ، بصيغة أخرى هي انعكاس لانعدام الضبط الإجتماعي ، ومنه الضبط المباشر الذي يتمثل في تلك القواعد العامة التي يضعها المجتمع على عاتق الافراد ومنه الضبط الغير مباشر الذي يتجلى في غياب الرقابة الذاتية للافراد وعدم استحضارهم لدور الذات في ادارة السلوك الغير سوي .
سيكولوجيا ، يقسم عالم النفس الأمريكي “فرويد” النفس الإنسانية إلى ثلاث مناطق رئيسية ، بداية بما سماه (الهو) وهي الجانب الحيواني في الإنسان المسؤول عن تحريك الرغبات والشهوات ، وتكون مصدر انبعاثها بالأساس ، ثم (الأنا) وهي الذات الشعورية الحسية في الفرد التي تعمل على التوفيق بين رغبات الهو والانا الاعلى ، وأخيرا (الأنا الأعلى) ويمثل هذا الأخير الضمير الواعي في الفرد ويمارس دور الرقيب لإدارة الذات،
تتشكل الجريمة حسب “فرويد” بحسب ذلك الصراع القائم بين هذه المكونات الثلاث (الهو_الأنا_الأنا الأعلى) وبالتالي يكون السلوك الإجرامي نتيجة لعوامل داخلية ، وفي ذات السياق كشفت بعض الدراسات النفسية أن السلوك الإجرامي يعود نتيجة إما الى انتصار الذات الشهوانية واما لكبت ميولات الهو ونزعاته الغريزية ماينتج عن ذلك من عقد نفسية وبالتالي يكون الفعل الاجرامي تعبيرا عن خلل نفسي داخل الفرد.
وبخلاف هذا التصور يذهب عالم الاجتماع الأمريكي “روبرت ميرتون ” إلى تفسير السلوك الإجرامي من خلال النسق الإجتماعي والثقافة الخاصة وماتحدثه من تأثير على الأفراد ، اذ تقوم هذه النظرية على فكرة ان السلوك الإجرامي هو نتيجة لجملة من الضغوطات التي تمارس على الأفراد فتكون بذلك طريق الأفراد نحو الإنحراف مما يؤدي الى الى بروز السلوكات الغير سوية ، بتعبير آخر حسب “ميرتون” ان الجريمة هي انعكاس للتناقض الحاصل بين الأهداف المحددة ثقافيا وبين الوسائل التي تقرها النظم الاجتماعية قصد تحقيق تلك الاهداف .
ويستحضر هنا “ميرتون” النمودج الامريكي ، حيث يضع النجاح هدفا لكل فرد ويركز على الهدف وليس على الوسائل المشروعة لتحقيقه ، وبالتالي فإن عجز الناس عن تحقيق تلك الاهداف بوسائل مشروعة قد يدفعهم الى أية وسيلة أخرى بما في ذلك الانحراف قصد تحقيق مكاسبهم .
إضافة لما سبق ، يربط قاضي التحقيق وعالم النفس الامريكي “تارد” ظاهرة الاجرام بإشكالية التقليد والمحاكاة ، معناه ان السلوك الاجرامي يتأتى بناء على حجم العلاقات الاجتماعية وطبيعتها ، بحيث يعتبر التقليد كفعل اجتماعي يساهم في تفكير الفرد نحو الانحراف ، فالاجرام بالنسبة ل “تارد” يتشكل بواسطة عملية التقليد والمحاكاة .
من وجهة نظر سوسيولوجية ، هل يمكن التسليم بهذه الدوافع في تفسير الإجرام ؟ أما يتعدى ذلك إلى عوامل اخرى قد نجهلها ؟ اتساءل كيف يمكن ان تمارس تلك الدوافع تأثيرها على الأفراد وتساهم بذلك في نمو السلوكات الإنحرافية ؟ وان كان صحيح ! فكيف يمكن الحديث عن دور العقل في ضبط الفرد ؟ هل يمكننا ان نقتصر عن العوامل الخارجية فقط دون العوامل الداخلية او العكس؟ ام ان الاجرام بمختلف انواعه هو حصيلة لتراكمات اجتماعية نفسية اقتصادية ؟ وبأي صيغة سنتحدث عن دور الأسرة وعن دور التنشئة الاجتماعية ؟ هل الجريمة والسلوكات الانحرافية هي دليل عن فشلنا في ضبط افراد المجتمع ؟ ام أنهما مسؤولتين تقع على عاتق الفرد وحده ؟
استنتاجا لما سبق إن دراسة الجريمة تتحدد وفقا للشروط الاجتماعية والنفسية الخاصة بكل فرد وبكل مجتمع على حدى ، فالنظريات الدارسة لهذه الاشكالية تبقى جزء من المنهج والمعطيات الذي يمكن الاستناد عليه وفرصة للتعرف عن جوانب أخرى حول الموضوع ولايمكن التسليم بها بصورة كلية .
فخصائص المجتمع تتغير من مجتمع الى آخر وخصوصية الفرد تختلف من فرد إلى آخر الشيء الذي يفرض على دارس هذا الموضوع الانطلاق من الظروف الحالية والشروط الاجتماعية التي تخص كل مجتمع على حدا وكل فرد على حدى.
ابراهيم شويبة

رابط مختصر

عذراً التعليقات مغلقة